
الساحة : عبد العالي الهلالي :
من عادتي أن أطرح دائما هذا السؤال على كل من سمحت لي الفرصة بالتحدث معه من مدينة وجدة خصوصا ,ومن كل المدن عامة ,عن سبب تسمية المدينة التي ينتمي إليها بهذا الإسم , على سبيل المثال لماذا سميت مدينة وجدة بهذا الإسم ؟ فإذا بظني يخيب كل مرة و لا أجد حتى خفي حنين لأعود بهما , لتصدق علينا فعلا تلك القولة التي تقول بأننا شعب لا يعرف شيء عن ذاكرته الجماعية, و شعب يتحدث كثيرا عن الهاتف , و لا بد أن تكون هناك علاقة بين الأمرين –إستعمال الهاتف بكثرة ونسيان الذاكرة الجماعية – لايسعني الحديث عنها الآن,إنما أؤكد على أنه من لا ماضي له لا مستقبل له , فيجب علينا معرفة تاريخ منطقتنا و الحفاظ على موروثها الثقافي كنوع من الحفاظ على الهوية , و إلا سيأتي يوم نرى فيه أن الدول العولماتية قد سلختنا من جلدنا الأصلي , و ألبستنا جلدا يواتي أفكارها و إديولوجيتها ( الإنفتاح شيء و التخلي عن التاريخ و العادات شيء أخر ) و لكي أكون عمليا فيما قلته سأعرج على سبب تسمية مدينة وجدة بهذا الإسم بحكم أني أنتمي إليها .
يجب قبل التطرق إلى وجدة في العصر الوسيط الرجوع قليلا إلا الوراء وقبل الفتح الإسلامي , فالمدينة لم تخضع لدراسة أركيولوجية لأي فترة من الفترات التاريخية , إلا أن بعض ضواحيها قد خضع لهذه الدراسة فمثلا منطقة تافوغالت التي تبعد بحوالي 55 كلم قد عثر فيها عام 1955 على مقبرتين تضمان 180 هيكلا عظميا ثبت علميا أنها تعود إلى آلاف السنين ,أما إذا بحثنا في الفترة الرومانية,فإننا نجد مناطق محادية لوجدة خضعت لأبحاث اركيولوجية مثل منطقة رأس عصفور التي تقع جنوب شرق وجدة , وقام بدراستها “جون ماريون” و أهم ما عثر عليه بقايا أسوار و آثار قرى محصنة و معالم عمرانية منعزلة , بالإضافة إلى أوان خزفية و قبور ,وهذا يطرح تساؤل حول إذا كانت وجدة عرفت استقرار إنساني منذ ذلك الوقت ؟.
كما تجدر الإشارة أن مدينة وجدة حملت أسماء أخرى غير هذا الإسم فــ”مارمول” في كتابه إفريقيا يتحدث عن مدينة إسمها “لانكار” و هو مايطرح إمكانية تحريف” أنكاد” إلى لانكار خصوصا أن الكتاب كتب باللاتينية , ثم هناك مدينة “السدرة” و هذه المنطقة كانت معروفة بنبات السدرة , حيث يتحدث ابن أبي زرع في كتابه الذخيرة في الصفحة 132 عن مهاجمة يعقوب المنصور المريني ليغمورسن بن زيان سنة 670 هـ و محاصرته بتلمسان و يذكر أن جيوشه قد ” خربوا الربوع ,و أفسدو الزروع , و لم يدعوا بتلك الجهات قوت يوم, حاشا السدرة و الدوم” , كذلك هناك إسم آخر و هو “الحيرة” فمن الناحية اللغوية تحير الماء :أجتمع و دار, و تحيرت الأرض بالماء ,إذا إمتلأت , و كل هذه الصفات تنطبق على المواصفات الهيدروغرافية لمدينة وجدة فالبكري في كتابه “المغرب” في الصفحة 87 يذكر بأن وجدة مدينتان “و الجامع خارج المدينتين على نهر قد أحدقت به البساتين ” و إبن عبد ربه الحفيد في كتابه ” الإستبصار “الصفحة 177 يقول “بأنها كثيرة المياه و العيون. هذا عن وجدة و تاريخها القديم و أسمائها المختلفة.
أما عن تسمية وجدة ,فهذا الإسم يثير الإستغراب ذلك بأن هذا الإسم عربي و هو غريب عن المنطقة التي كانت تنتشر فيها اللغة الأمازيغية فقد قال الحسن الوزان في كتابه وصف إفريقيا و هو يتحدث عن سكان وجدة ” يتكلمون الإفريقية القديمة , و قليل منهم يحسن العربية الدارجة التي يتحدث بها أهل المدن” , أما من الناحية اللغوية فمدلولها له علاقة بالمال و الغنى حيث إن الكلمة تعني الغنى كما جاء في لسان العرب لإبن منظور” وجد في المال وجدا ووجدا ووجدا (بكسر الواو) ووجدانا ووجدة أي صارف المال والواجد أي الغني, وهذا ما يزكيه الواقدي في كتابة فتوح افريقيا في الصفحة 110 حيث يذكر أنه أثناء الفتح الإسلامي لهذه المناطق كان يوجد بمدينة وجدة ” ما لا يوصف من المتاع و الحلي و الحلل و الجواهر و أواني الذهب و الفضة وغير ذلك ” ونجد نفس الخاصية يرددها أحد المستكشفين الأجانب و هو ” دول فوكو شارل” في كتابه التعرف على المغرب 1983- 1984 ” حيث يقول (أنها مدينة صغيرة … يسود فيها الغنى و الرخاء ).
كما يمكن أن نجد لمدلول وجدة معنى آخر في الأحداث التي عرفتها المنطقة خصوصا في حادث إغتيال المولى إدريس الأكبر حيث إن سكان مدينة وجدة جعلوا “وجدة” (بكسر الواو ) اي “كمينا” لقاتل المولى إدريس سليمان بن جرير الشماخ , و هذا ماذكره صاحب شجرة الهاشمية في الصفحة 84 “أن بعد مقتل المولى إدريس الأكبر , هرب سليمان الشماخ قاصدا المشرق , فتبعه المولى راشد على جواده ( إلى أن وجد سليمان بمدينة وجدة راكبا على جواده …. فحمل عليه راشد بضربة و قتله وقتل عليه جواده …. , ورحب به أهل المدينة … و أعطوه من المال ما حمل ).
كما يمكن أن نجد اسم وجدة في أسماء القبائل التي كانت موجودة هناك وهي قبائل “ايوجدين” حيث نعلم أن وجديج هو أحد جدود بني مرين الذين يعودون بأصولهم إلى”مرين بن وارتاغن بن ماخوخ بن وجديج ” كما ذكر إبن أبي زرع في كتابه الذخيرة في الصفحة 14 .واذا عرفنا أن مضارب قبيلة وجديجة كانت بين تلمسان ووجدة فلا يستبعد أن يكون اسم المدينة إشتق من إسم القبيلة ” وجديجة” او أن يكون إسم وجدة تحريفا لإسم ” وجديجة ” .
رغم تعدد الروايات إلا أن إسم وجدة بقي واقفا و لم يتغير حتى امام الأسماء التي كانت تسمى بها المنطقة في مصادر أخرى إما قبل هذا الإسم أو بعده مثل او” السدرة ” أو “الحيرة ” أو “لانكار” ……
هي دعوة صريحة مني للإهتمام بتاريخ مدننا ووطنا المتنوع و المبهر و الذي أعطى الشيء الكثير للتاريخ العالمي , فهلموا جميعا إلى معرفة هذا التاريخ و الإنطلاقة دائما ” لماذا سميت مدينتنا بهذا الإسم “.
شكرا على هده المعلومات القيمة واضيف ان وجدة تاسست سنة 384 هجرية على يد زيري بن عطية
نا اتفق معك أخي اغلبيتنا لا يعرف تاريخ مدينته حتى أنك تجد عندما يسألنا شخص غريبٌ على منطقتنا لا نعلم كيف سيكون الجواب هههه هده بديرة طيبة منك أخي نشكرك و اتمنى أن تعيد نفس شيء مع مدن أخرى بالمغرب بتوفيق
Al 3az lik khoya hadra f mahalha
bonne continuation 🙂
Trés bien , bonne continuation
مشكور عبد العلي على مساهمتك في التعريف بالمدينة العريقة وجدة أتمنى لك الاستمرار في البحث والدراسة من اجل اغناء المجال.
bazz fréroo rak tma